1-1 ما هو؟
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب (JIA) هو مرض مزمن من خصائصه وجود التهاب مستدام في المفاصل، والأعراض المحددة المصاحبة لالتهاب المفاصل هي الألم والتورم وتقيد الحركة. وهو "مجهول السبب" لأننا لا نعرف مصدره ونعني "بالأطفال" هنا أن بداية ظهور الأعراض في العادة قبل بلوغ سن 16 سنة.
1-2 ماذا يُقصد بلفظ "مرض مزمن"؟
يوصف أي مرض بأنه مزمن عندما لا يلزم أن يؤدي العلاج المناسب بالضرورة إلى الشفاء من هذا المرض ولكن ينتج عنه تحسُن في الأعراض ونتائج الاختبارات المعملية.
وهذا يعني أيضاً أنه عند القيام بالتشخيص يستحيل توقع المدة التي سوف يبقى الطفل فيها مُصاباً بهذا المرض.
1-3 ما معدل الإصابة به؟
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب هو مرض نادر يصيب حوالي من طفل إلى طفلين من كل 1000 طفل.
1-4 ما هي أسباب هذا المرض؟
يحمينا جهاز المناعة من العدوى التي تسببها العديد من الميكروبات مثل الفيروسات أو البكتريا. وهو قادر على تمييز ما يُحتمل أن يكون جسماً غريباً أو مضراً وينبغي تدميره وبين ما يخص جسدنا.
يُعتقد أن التهاب المفاصل المزمن هو نوع من الاستجابة غير الطبيعية من جهاز المناعة - الذي يفقد القدرة جزئياً على التمييز بين ما هو "غريب" وبين خلايا "جسم الإنسان"، ومن ثم ينقلب على نفسه مهاجماً مكونات جسم الإنسان بما يؤدي إلى التعرض لالتهاب – على سبيل المثال في بطانة المفاصل. ولهذا السبب، تُسمى الأمراض مثل مرض التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب بأنها أمراض "المناعة الذاتية"، بما يعني أن جهاز المناعة ينقلب على نفس ذات الجسم الذي يحميه.
ومع ذلك، ومثل معظم أمراض الالتهابات البشرية المزمنة، فإن الآليات المحددة التي تتسبب في التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب غير معلومة.
1-5 هل هو مرض وراثي؟
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب هو مرض غير وراثي حيث لا يمكن أن ينتقل بشكل مباشر من الوالدين للطفل. ولكن هناك بعض العوامل الوراثية - غير المكتشفة في معظمها - التي تجعل الأشخاص عرضة للإصابة بهذا المرض. وقد اتفق المجتمع العلمي على أن هذا المرض هو نتيجة لاجتماع عوامل تهيئة وراثية مع التعرض لعوامل بيئية (العدوى على الأرجح). وحتى لو كان يحتمل وجود تهيئة وراثية، فإنه من النادر جداً أن تجد طفلين مصابين بهذا المرض في عائلة واحدة.
1-6 كيف يتم تشخيصه؟
يقوم التشخيص بالإصابة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب على وجود التهاب المفاصل واستدامته وعلى الاستبعاد الحذر لأي مرض آخر من خلال تقييم السجل الطبي وإجراء فحص بدني واختبارات معملية.
تُؤكَّد الإصابة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب عندما يبدأ المرض قبل سن 16 سنة وتدوم الأعراض لمدة تزيد عن 6 أسابيع وتُستبعد كافة الأمراض الأخرى التي تسبب التهاب المفاصل.
ويكمن السبب وراء تحديد مدة الستة أسابيع المذكورة في إفساح المجال لاستبعاد بقية صور التهاب المفاصل المؤقت مثل تلك التي قد تعقب أنواعاً مختلفة من العدوى. ويشمل مصطلح "التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب" كافة صور التهاب المفاصل المستدام مجهولة المصدر والتي بدأت في سن الطفولة.
يشمل التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب صوراً مختلفة من التهاب المفاصل التي تم تحديدها (انظر أدناه).
ومن ثم يقوم التشخيص بالإصابة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب على وجود التهاب المفاصل واستدامته وعلى الاستبعاد الحذر لأي مرض آخر من خلال تقييم السجل الطبي وإجراء فحص بدني واختبارات معملية.
1-7 ماذا يحدث للمفاصل؟
الغشاء الزليلي هو البطانة الداخلية الرقيقة لكبسولة المفصل والذي يزيد سمكه كثيراً عند التهاب المفاصل ويمتلئ بالخلايا والأنسجة الملتهبة ويُنتج كمية زائدة من السائل الزليلي داخل المفصل. وهو ما يسبب التورم والألم وتقيد الحركة. يعتبر تيبس المفصل من السمات المميزة لالتهاب المفاصل والذي يحدث بعد فترات مطولة من الاستراحة، ومن ثم فهو يحدث في الصباح تحديداً ولذلك سُمي (التيبس الصباحي).
يحاول الطفل غالباً تخفيف الألم بإبقاء المفصل في وضعية شبه مقوسة وتُسمى هذه الوضعية بالوضعية "المسكنة"، للإشارة إلى حقيقة أثرها في تخفيف الألم. وفي حال الاستمرار عليها لفترات مطولة (أكثر من شهر واحد في العادة)، تؤدي هذه الوضعية غير العادية إلى شد (انقباض) العضلات والأوتار وإلى تشوه (التواء) انقباضي.
إذا لم يتم علاج التهاب المفاصل بشكل مناسب فقد يُلحق ضرراً بالمفصل من طريقين: يزداد سمك الغشاء الزليلي بدرجة كبيرة بحيث يصبح منتفخاً (مع تكوّن ما يُعرف باسم السَبَل الزليلي "synovial pannus")، وذلك من خلال إفراز العديد من المواد التي تحفز على تلف العظام والغضاريف المفصلية. وهذا يظهر بالأشعة السينية كثقوب في العظام تُسمى بتآكل العظام. يتسبب الاستمرار المطول على الوضعية المسكنة في ضمور العضلات (فقد العضلات) أو الشدّ أو انكماش العضلات والأنسجة الرخوة بما يؤدي إلى اضطراب انقباضي.
2-1 هل هناك أنواع مختلفة من هذا المرض؟
هناك صور مختلفة من التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. ويتم تمييزها في المقام الأول بعدد المفاصل المصابة (التهاب مفاصل الأطفال التلقائي القليل أو المتعدد) وبوجود أعراض إضافية مثل الحمى والطفح وغيرها (راجع الفقرات التالية). ويتم التشخيص بالإصابة بمختلف هذه الصور عن طريق رصد الأعراض خلال الستة أشهر الأولى من المرض. ولهذا السبب يُشار إليها في الغالب بأنها صور البدء.
2-1-1 التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي
يُقصد بلفظ المجموعي أنه قد تمتد الإصابة إلى مختلف أعضاء الجسم، إضافة إلى التهاب المفاصل.
من خصائص التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي وجود حمى وطفح والتهاب حاد في أعضاء مختلفة في الجسم مما قد يظهر قبل التهاب المفاصل أو أثناء الإصابة به. كما تظهر على المريض أعراض حادة ومطولة من الحمى والطفح الذي يظهر في المقام الأول أثناء أوقات التعرض للحمى. وقد تشمل الأعراض الأخرى ألم العضلات أو تضخم الكبد أو الطحال أو العقد اللمفية أو التهاب الأغشية المحيطة بالقلب (التهاب التأمور) والرئتين (التهاب الجنبة). وقد يظهر التهاب المفاصل - الذي يشمل في العادة 5 مفاصل أو أكثر - عند بداية المرض أو بعدها. وقد يؤثر هذا المرض على الأولاد والبنات في أي سن، ولكنه شائع بوجه خاص في الأطفال حديثي السن والأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بعد.
يمر حوالي نصف المرضى بفترات حمى وألم مفاصل محدودة، وهؤلاء هم الأقرب للحصول على أفضل مآل للمرض على المدى الطويل. أما النصف الآخر فغالباً ما تميل الحمى إلى الانحسار بينما يصبح التهاب المفاصل هو الشاغل الأهم وفي بعض الأحيان يصعب علاجه. وفي نسبة قليلة جداً من المرضى، تبقى الحمى والتهاب المفاصل معاً. يمثل التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي أقل من 10% من كافة الحالات المصابة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب، وعادة ما تكون الإصابة به في مرحلة الطفولة ونادراً ما يتم رصده في البالغين.
2-1-2 التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد
من صفات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد إصابته لخمسة مفاصل أو أكثر خلال الستة أشهر الأولى من المرض مع عدم وجود حمى. وهناك اختبارات للدم يجري من خلالها تقييم العامل الروماتويدي (RF) والتي يمكن التمييز بها بين نوعين: التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب ذو العامل الروماتويدي الموجب أو العامل الروماتويدي السالب.
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي الموجب: هذه الصورة نادرة جداً في الأطفال (أقل من 5% من إجمالي الإصابات بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب). وهي الصورة المماثلة لالتهاب المفاصل الروماتويدي الموجب لدى البالغين (أشهر نوع من أنواع التهاب المفاصل المزمن لدى البالغين). وهو يتسبب غالباً في التهاب المفاصل المتناظر الذي يصيب في الأساس المفاصل الصغيرة في اليد والقدم ثم يمتد إلى بقية المفاصل. ويشيع هذا المرض في الإناث أكثر منه في الذكور، وتأتي بدايته في العادة بعد سن 10 سنوات. وهو في الغالب صورة حادة من التهاب المفاصل.
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي السالب: تمثل هذه الصورة 15-20% من كافة الحالات المصابة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. ويمكن أن يصيب الأطفال في أي عُمر. ويمكن أن يُصيب أي مفصل وعادة ما تلتهب المفاصل صغيرها وكبيرها على حد سواء.
في كلتا الصورتين، يجب التخطيط للعلاج في وقت مبكر وفي أقرب وقت ممكن بعد تأكُد التشخيص. ويُعتقد بأن العلاج المبكر والمناسب يؤدي إلى نتائج أفضل. ولكن، يصعب التنبؤ بالاستجابة للعلاج في مراحله الأولى. حيث تتباين الاستجابة للعلاج بشكل كبير بين طفل وآخر.
2-1-3 التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب القليل (مستدام أو ممتد)
التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب القليل هو أكثر نوع شائع من أنواع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب الفرعية حيث يمثل 50% من كل الحالات. ومن خصائصه أن تكون الإصابة في أقل من 5 مفاصل - في الستة أشهر الأولى من المرض - مع عدم وجود أعراض مجموعية. وهو يصيب المفاصل الكبيرة (مثل الركبتين والكاحلين) بشكل غير متماثل. ففي بعض الأحيان يصيب مفصل واحد فقط (الصورة أحادية المفصل). ومع بعض المرضى، يزيد عدد المفاصل المصابة بعد الستة أشهر الأولى من المرض إلى 5 أو أكثر، ويسمى حينها باسم التهاب المفاصل القليل الممتد. أما إذا كانت المفاصل المصابة أقل من 5 مفاصل طوال مسار المرض، فتُعرف هذه الصورة بالتهاب المفاصل القليل المستدام.
عادة ما تكون بداية التهاب المفاصل القليل قبل عمر 6 سنوات ويُرصد بشكل أساسي في الإناث. وبتوفير العلاج المناسب في الوقت المناسب، يكون مآل المفاصل جيداً في الغالب لدى المرضى الذين يبقى لديهم المرض مقتصراً على عدد قليل من المفاصل؛ وهذا يختلف أكثر لدى المرضى الذين يُعانون من صورة متمددة من التهاب المفاصل المتعدد.
قد تظهر لدى جانب كبير من المرضى مضاعفات في العين مثل التهاب الجزء الأمامي من المقلة (التهاب العنبية الأمامي) - غشاء ذو أوعية دموية يحيط بالعين. وبما أن الجزء الأمامي من العنبية مكون من القزحية والجسم الهدبي، فإنه يتم تسمية المضاعفات إما بالتهاب القزحية والجسم الهدبي أو التهاب العنبية الأمامي. ويكون ذلك في التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب عبارة عن حالة مزمنة تصيب المريض بخفاء دون التسبب في أية أعراض واضحة (مثل الألم أو الاحمرار). وفي حال عدم اكتشافها وعلاجها، يتطور التهاب العنبية الأمامي وقد تُحدث ضرراً بالغاً في العين. ومن ثم فإن الاكتشاف المبكر لهذه المضاعفات في منتهى الأهمية. ولأن العين لا يحمّر لونها ولا يشتكي الطفل من تشوش الرؤية، فقد لا يتمكن الأبوان أو الأطباء من ملاحظة التهاب العنبية الأمامي. وتُعتبر عوامل خطر الإصابة بالتهاب العنبية هي بداية التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب والأجسام المضادة لأنوية الخلايا (ANA) الموجبة.
لذلك من المحتم أن يخضع الأطفال المتعرضون لقدر كبير من الخطورة لفحوصات دورية على العين بمعرفة طبيب العيون مستخدماً جهازاً خاصاً يُسمى المصباح الشقّي. ويكون إجراء الفحوصات في العادة كل 3 أشهر وينبغي المداومة عليه على المدى الطويل.
2-1-4 التهاب المفاصل الصدفي
من صفات التهاب المفاصل الصدفي وجود التهاب المفاصل مصحوباً بالصدفية. والصدفية هي مرض يسبب التهاب الجلد حيث تتكون رُقع تقشر الجلد غالباً على المرفقين والركبتين. وفي بعض الأحيان لا تصيب الصدفية إلا الأظافر أو أن يكون هناك من سبق إصابته بالصدفية في العائلة. وقد يسبق هذا المرض أو يلحق بداية التهاب المفاصل. تشمل العلامات الاعتيادية التي توحي بالإصابة بهذا النوع الفرعي من أنواع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب تورم إصبع كامل سواء في اليد أو القدم (يُسمى إصبع "السجق" أو التهاب الإصبع) إلى جانب تغير في الأظافر (تنقير). كما قد يظهر مرض الصدفية بأحد الأقارب من الدرجة الأولى (أحد الوالدين أو الأشقاء). وقد يصاب المريض بالتهاب العنبية الأمامي، ومن ثم ننصح بإجراء فحوصات دورية على العينين.
تتباين نتائج المرض، حيث قد تختلف الاستجابة للعلاج بالنسبة للمرض الجلدي والمفصلي. إذا كان الطفل مصاباً بالتهاب في أقل من 5 مفاصل، فسوف يكون علاجه هو نفس العلاج الخاص بالنوع القليل. وإذا كان الطفل مصاباً بالتهاب في أكثر من 5 مفاصل، فسوف يكون علاجه هو نفس العلاج الخاص بالنوع المتعدد. وقد يكون الاختلاف راجعاً إلى الاستجابة العلاجية لالتهاب المفاصل وللصدفية على حد سواء.
2-1-5 التهاب المفاصل المرتبط بالتهاب الارتكاز
أكثر المظاهر الشائعة هي إصابة التهاب المفاصل في المقام الأول للمفاصل الكبيرة في الأطراف السفلية والتهاب الارتكاز "enthesitis". ويعني التهاب الارتكاز تورم عضلة "الارتكاز" - نقطة تشابك الأوتار على العظام (العقب هو مثال على الارتكاز). وعادة ما يصاحب الالتهاب الموضعي في هذه المنطقة ألم شديد. ومواضع التهاب الارتكاز الأكثر شيوعاً تكون على باطن القدم وظهر العقب، حيث نقطة تشابك أوتار العرقوب. ويظهر عند هؤلاء المرضى في بعض الأحيان التهاباً حادًا للعنبية الأمامية. وبخلاف أنواع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب الأخرى، يظهر في هذه الحالة في العادة احمرار أو غزارة في دمع العين (دمعان) مع زيادة الحساسية من الضوء. يخرج معظم المرضى بنتيجة موجبة في الاختبار المعملي المسمى اختبار الزمرة النسيجية HLA B27: وهو الاختبار الخاص بمعرفة قابلية العائلة لهذا المرض. تُصيب هذه الصورة من المرض في الغالب الذكور وعادة ما تبدأ بعد عمر 6 سنوات. ويتباين مسار هذه الصورة من المرض. فعند بعض المرضى، يصبح المرض هامداً بمرور الوقت، بينما يمتد في حالات أخرى أيضاً إلى أسفل العمود الفقري وإلى المفاصل المتصلة بالحوض والمفاصل العجزية الحرقفية، مما يقيد حركات انحناء الظهر. وتُنذر الإصابة بألم في أسفل الظهر في الصباح والتي يصحبها تصلب، بدرجة كبيرة بوجود التهاب في مفصل العمود الفقري. وفي الواقع، تشبه هذه الصورة بعض أمراض العمود الفقري التي تصيب البالغين وتسمى بالتهاب الفقار اللاصق.
2-2 ما الذي يسبب التهاب القزحية والجسم الهدبي؟ هل هناك علاقة بينه وبين التهاب المفاصل؟
ينتج تورم العين (التهاب القزحية والجسم الهدبي) عن الاستجابة المناعية غير الطبيعية ضد العين (مرض مناعة ذاتية). ولكن، تبقى الآليات المحدَدة لهذا المرض غير معلومة. وتُرصد هذه المضاعفات في المقام الأول عند المرضى الذين بدأ عندهم مرض التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب في وقت مبكر وجاءت نتائج اختبار الأجسام المضادة لأنوية الخلايا موجبة.
تبقى عوامل ربط العين بمرض مفصلي غير معلومة. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن التهاب المفاصل والتهاب القزحية والجسم الهدبي قد يتبعان مساراً مستقلاً، ولهذا يجب الاستمرار في إجراء فحوصات المصباح الشقّي الدورية حتى لو كان التهاب المفاصل في طريقه إلى تقلص أعراضه (الهجوع)، إذ قد ينتكس تورم العين دون أعراض حتى لو كانت حالة التهاب المفاصل متحسنة. يتصف مسار التهاب القزحية والجسم الهدبي بحالات هياج منتظمة مستقلة هي أيضاً عن تلك المصاحبة لالتهاب المفاصل.
غالباً ما يعقب التهاب القزحية والجسم الهدبي بداية الإصابة بالتهاب المفاصل أو قد يُكتشف معه في ذات الوقت، إلا أنه يندر سبقه لالتهاب المفاصل. وهذه الحالات في العادة هي أكثر الحالات سوءاً، حيث لا يصاحب هذا المرض أية أعراض، وقد يتسبب تأخر التشخيص في إعاقة بصرية.
2-3 هل تختلف الإصابة في هذا المرض عند الأطفال والبالغين؟
في معظم الأحوال، نعم. حيث تمثل الصورة المتعددة ذات العامل الروماتويدي الموجب - التي هي مسؤولة عن حوالي 70% من حالات التهاب المفاصل الروماتويدي عند البالغين - أقل من 5% من حالات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. أما الصورة القليلة التي تبدأ مبكراً فتمثل حوالي 50% من حالات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب ولا تُرصد عند البالغين. يتصف التهاب المفاصل المجموعي بأنه يصيب الأطفال ونادراً ما يتم رصده في البالغين.
3-1 ما هي الاختبارات المعملية اللازمة؟
أثناء التشخيص، هناك اختبارات معملية مفيدة - إلى جانب فحوصات المفاصل وفحوصات العين - من أجل الوقوف بشكل أوثق على نوع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب ومعرفة ما إذا كان المريض معرض لخطر الإصابة بمضاعفات مثل التهاب القزحية والجسم الهدبي المزمن.
يعتبر العامل الروماتويدي (RF) اختباراً معملياً يعمل على كشف الجسم المضاد الذاتي والذي، إذا جاءت نتيجته موجبة ومستمرة بدرجات تركيز عالية، يُشير إلى النوع الفرعي من التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب.
وغالباً ما تكون نتائج اختبار الأجسام المضادة لأنوية الخلايا موجبة عند المرضى الذين لديهم بداية مبكرة لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب القليل. وهذه النسبة من المرضى عُرضة بدرجة كبيرة إلى خطر الإصابة بالتهاب القزحية والجسم الهدبي المزمن ومن ثم يلزمهم الانتظام على جدول لفحوصات العين باستخدام المصباح الشقّي (كل ثلاثة أشهر).
اختبار الزمرة النسيجية HLA-B27 عبارة عن واصم خلوي يكون موجباً فيما يصل إلى 80% من المرضى المصابين بالتهاب المفاصل المرتبط بالتهاب الارتكاز. وتأتي نتيجته موجبة فقط في 5-8% من الأصحاء.
من المفيد إجراء فحوصات أخرى مثل اختبار معدل ترسب الكريات الحمراء (ESR) أو البروتين المتفاعل-C (CRP) التي يٌقاس بها الالتهاب بشكل عام، ولكن قرارات التشخيص وكذلك العلاج تستند إلى المظاهر السريرية بشكل أكبر عن الاختبارات المعملية.
وبناءً على العلاج، قد يحتاج المرضى إلى إجراء اختبارات دورية (مثل: عد خلايا الدم، اختبار وظائف الكبد، اختبار البول) بحثاً عن الآثار الجانبية للعلاج ولتقييم مقدار السمية المحتمل في الدواء الذي قد لا يكون له أية أعراض. يجري تقييم الالتهاب في المفاصل بشكل أساسي عن طريق الفحص السريري وفي بعض الأحيان بالفحوصات التصويرية مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية. كما قد يفيد إجراء فحص بشكل دوري بالأشعة السينية والرنين المغناطيسي لتقييم صحة العظام ونموها ومن ثم تغيير العلاج بما يتناسب مع الحالة.
3-2 كيف يمكننا علاجه؟
لا يوجد علاج محدد لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. والهدف من العلاج هو تخفيف الألم والتعب والتصلب والوقاية من تضرر المفاصل والعظام وتقليل التشوه إلى أدنى حد وتحسين مستوى الحركة للحفاظ على استمرار عملية النمو والتطور في كافة الحالات المصابة بأنواع التهاب المفاصل. حدث في العشر سنوات الأخيرة تطورات هائلة في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب مع طرح أدوية تعرف بالعوامل البيولوجية. ولكن، بعض الأطفال قد يكونون "مقاومين للعلاج" بما يعني أن المرض ما زال نشطاً وما زال التهاب المفاصل قائماً رغم العلاج. وهناك بعض الخطوط الإرشادية لاتخاذ القرار بشأن العلاج، رغم وجوب تكييف العلاج لكل طفل بما يناسبه. كما تُعتبر مشاركة الوالدين في قرار العلاج أمر مهم للغاية أيضاً.
يستند العلاج في المقام الأول إلى استخدام أدوية تثبط الالتهاب المجموعي و/أو المفصلي وإلى إجراءات إعادة التأهيل التي تحافظ على استمرار المفاصل في أداء وظائفها وتسهم في منع التشوهات.
العلاج معقد نوعاً ما ويتطلب تعاوناً من مختلف الأخصائيين (أخصائي روماتيزم الأطفال، جراح العظام، أخصائي العلاج الطبيعي والمهني، أخصائي العيون).
يوضح القسم التالي إستراتيجيات العلاج الحالية الخاصة بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. ويمكن الإطلاع على مزيد من المعلومات عن أدوية بعينها في قسم "العلاج بالأدوية". كما يُرجى الانتباه إلى أن كل دولة لديها قائمة بالأدوية المعتمدة، ومن ثم فليست كل الأدوية المدرجة في القائمة متاحة في كل الدول.
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAID-
ظلت مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAID) بشكل تقليدي هي العلاج الأساسي لكافة صور التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وغيرها من أمراض الأطفال الروماتيزمية. وهي أدوية عرَضية مضادة للالتهاب ومضادة للحمى (لتهدئة الحمى)، ويُقصد بكلمة "عرَضية" أنه لا يمكنها أن تؤدي إلى هجوع المرض، ولكن تعمل على التحكم في الأعراض الناتجة عن الالتهاب. أكثر ما يُستخدم منها هو دواء نابروكسين وإيبوبروفين والأسبرين، وعلى الرغم من كونها فعالة ورخيصة الثمن، إلا أنها يقل استخدامها اليوم نظراً إلى خطر السُمية الكامن فيها في المقام الأول (أعراض مجموعية في حالة مستويات الدم المرتفعة، سُمية الكبد بخاصة في التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي). عادة ما تُعتبر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من المواد التي يتقبلها الجسم إلى حد كبير: أكثر الآثار الجانبية شيوعاً عند البالغين هي الاضطرابات المعوية - والتي لا تشيع عند الأطفال. في بعض الأحيان، وربما يكون أحد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية فعالاً بينما لا يكون لغيره أي فعالية، ولا يُنصح بالجمع بين مختلف مضادات الالتهاب غير الستيرويدية. ويتم الوصول إلى التأثير الأمثل على التهاب المفاصل بعد عدة أسابيع من العلاج.
حقن المفاصل
تُستخدم حُقن المفاصل عند وجود مفصل واحد أو أكثر به نشاط حاد للمرض يعيق الحركة العادية لهذا المفصل و/أو يسبب ألماً شديداً للطفل. والدواء المحقون عبارة عن مستحضَر كورتيكوستيرويد طويل المفعول. ويُستحسن إعطاء عقار تريامسينولون هيكساستونيد triamcynolone hexacetonide نظراً لمفعوله الممتد (يدوم لعدة أشهر في المعتاد): يكون امتصاصه في الدوران المجموعي في الحد الأدنى. وهو العلاج الموصى به للصورة قليلة العدد ويُستخدم كعلاج إضافي في بقية الصور. يمكن تكرار هذه الصورة من العلاج مرات عدة مع نفس المفصل. ويمكن حقن المفصل باستخدام تخدير موضعي أو عام (عادة في الأعمار الأقل) بناء على عمر الطفل ونوع المفصل وعدد المفاصل اللازم حقنها. ولا يوصى في العادة بحقن نفس المفصل أكثر من 3 إلى 4 مرات في السنة.
عادة ما يصاحب حُقن المفاصل علاج آخر لتحقيق تحسُن سريع للألم والتصلب - عند الحاجة أو لحين بدء مفعول الأدوية الأخرى.
أدوية المستوى الثاني
تُستخدم أدوية المستوى الثاني مع الأطفال الذين لديهم حالة التهاب مفاصل متطورة رغم تلقي العلاج المناسب بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية وحُقن كورتيكوستيرويد corticosteroid. وعادة ما تُضاف أدوية المستوى الثاني بوجه عام إلى العلاج السابق بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية الذي عادة ما يكون مستمراً. ولا يظهر أثر معظم أدوية المستوى الثاني ظهوراً كاملاً إلا بعد أسابيع أو شهور عدة من العلاج.
ميثوتريكسات
لا شك أن الميثوتريكسات methotrexate يمثل دواء المستوى الثاني المفضل على مستوى العالم لعلاج المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. وذلك حيث أثبتت العديد من الدراسات مدى كفاءته وكذلك سجل سلامته على مدار سنوات عدة من استخدام الدواء. وقد توصلت الأدبيات الطبية إلى تحديد أقصى جرعة فعالة الآن (15 ملجم في المتر المربع سواء عن طريق الفم أو الحقن والذي عادة ما يكون عن طريق الحقن تحت الجلد). لهذا يُعتبر تناول الميثوتريكسات أسبوعياً هو الدواء المفضل، وبخاصة مع الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل مجهول السبب المتعدد. وهو فعال في غالبية المرضى. وله نشاط مضاد للالتهاب ولكنه قادر أيضاً - عند بعض المرضى ومن خلال آليات غير معلومة - على تقليص تطور المرض، بل قد يؤدي إلى تقليص أعراض المرض. والدواء يتقبله الجسم بشكل جيد في المعتاد؛ ويمثل كل من عدم تحمل المعدة له وارتفاع مستويات ناقلات الأمينات في الكبد أهم الآثار الجانبية له. وأثناء العلاج، تلزم مراقبة السُمية المحتملة بالفحص المعملي الدوري.
الميثوتريكسات هو دواء معتمد حالياً للاستخدام في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب في كثير من الدول حول العالم. كما يُنصح أيضاً أن يصاحب الميثوتريكسات إعطاء حمض الفوليك أو الفولينيك - وهو فيتامين يقلل من خطر الآثار الجانبية، وخاصة على وظائف الكبد.
ليفلونوميد
الليفلونوميد هو بديل الميثوتريكسات، وخاصة مع الأطفال الذين لا يتقبل جسدهم الميثوتريكسات. ويُعطى الليفلونوميد Leflunomide للمرضى في صورة أقراص، وقد تمت دراسة آثار هذا الدواء مع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وثبتت فاعليته. ومع ذلك، فإن هذا العلاج أغلى ثمناً من الميثوتريكسات.
السالازوبايرين والسيكلوسبورين
ثبتت أيضاً فعالية أدوية أخرى غير حيوية مثل السالازوبايرين salazopyrin, في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب، ولكن تقل درجة تقبل الجسم فيه عن الميثوتريكسات. والتجربة مع السالازوبايرين محدودة جداً مقارنة بالميثوتريكسات. وحتى الآن، لم تُجر دراسات كافية تتناول التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب لتقييم فعالية أدوية أخرى من المحتمل أن يكون لها أثر إيجابي مثل السيكلوسبورين cyclosporin. يقل استخدام السالازوبايرين والسيكلوسبورين في الوقت الحالي، على الأقل في الدول التي تزيد فيها وفرة العوامل البيولوجية. السيكلوسبورين هو دواء قيّم للغاية، حين يكون مصاحباً للكورتيكوستيرويدات، في علاج متلازمة تنشيط البلاعم لدى المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي، وهي إحدى المضاعفات الحادة المهددة للحياة لالتهاب المفاصل مجهول السبب المجموعي، وتعتبر ثانوية للتنشيط العام الهائل لعملية الالتهاب.
الكورتيكوستيرويدات
الكورتيكوستيرويدات هي مضادات الالتهاب المتاحة الأكثر فعالية ولكن استخدامها محدود بسبب كونها مرتبطة - على المدى الطويل - بعدة آثار جانبية كبيرة منها هشاشة العظام وتوقف النمو. ومع ذلك, فالكورتيكوستيرويدات corticosteroids ذات أهمية في علاج الأعراض المجموعية التي تقاوم العلاجات الأخرى وفي علاج المضاعفات المجموعية المهددة للحياة وأيضاً كدواء "جسر" للسيطرة على مرض حاد أثناء انتظار بدء مفعول أدوية المستوى الثاني.
تُستخدم الكورتيكوستيرويدات الموضعية (قطرات للعين) في علاج التهاب القزحية والجسم الهدبي. وفي الحالات التي تزيد درجة حدتها، قد يلزم إعطاء حُقن الكورتيكوستيرويدات بمحيط المقلة (داخل مدار العين) أو الكورتيكوستيرويد المجموعي.
العوامل البيولوجية
ظهرت وجهات نظر جديدة في الأعوام الأخيرة عن أدوية تُعرف باسم العوامل البيولوجية biologic agents. ويستخدم الأطباء هذا المصطلح للتعبير عن الأدوية التي يتم إنتاجها بالهندسة الحيوية، وهي الأدوية الموجهة في المقام الأول لجزيئات محددة (عامل نخر الورم (TNF) أو إنترلوكين 1 أو إنترلوكين 6 أو جزيء تحفيزي في الخلية التائية) بخلاف الميثوتريكسات أو الليفلونوميد. وتُعرّف العوامل البيولوجية بأنها وسائل مهمة لوقف عملية الالتهاب التي لا تنفك تصاحب التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. ويوجد حالياً العديد من العوامل البيولوجية التي تم اعتمادها جميعاً، وخاصة للاستخدام مع التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب (راجع تشريعات طب الأطفال أدناه).
الأدوية المضادة لعامل نخر الورم
الأدوية المضادة لعامل نخر الورم هي عوامل توقف عامل نخر الورم – الذي يعد وسيطاً أساسياً في عملية الالتهاب - بشكل انتقائي. وتُستخدم هذه الأدوية بشكل منفرد أو مع الميثوتريكسات، وتتسم بالفعالية مع معظم المرضى. كما أن لها أثر سريع جداً، ودرجة السلامة فيها قد ثبتت فعاليتها لمدة لا تقل عن بضع سنوات من العلاج (راجع قسم السلامة أدناه)؛ ولكن يلزم إجراء متابعات أطول للوقوف على الآثار الجانبية المحتملة على المدى البعيد. تُعتبر العوامل البيولوجية لعلاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب - بما في ذلك مختلف أنواع مُحصرات عامل نخر الورم - هي العوامل الأكثر شيوعاً في الاستخدام وتختلف إلى درجة كبيرة من حيث طريقة الإعطاء وعدد مرّاته. فعلى سبيل المثال: يُعطى الإتانرسيبت etanercept تحت الجلد مرتين أو مرة في الأسبوع، والأداليموماب adalimumab تحت الجلد كل أسبوعين، والإنفليكسيماب infliximab كل شهر عن طريق الحقن في الوريد. ولا تزال هناك أدوية أخرى تحت الاختبار (مثل: الجوليموماب golimumab، والسرتوليزوماب بيجول certolizumab pegol) مع الأطفال، وهناك جزيئات أخرى تتم دراستها في البالغين قد تصبح متاحة للأطفال في المستقبل.
في العادة، يتم استخدام العلاجات المضادة لعامل نخر الورم في معظم فئات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب باستثناء التهاب المفاصل القليل المستدام، والذي لا يتم علاجه في العادة بعوامل بيولوجية. ويكون لها جرعات محدودة بشكل أكثر في التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي، حيث لا تُستخدم العوامل البيولوجية الأخرى في العادة مثل مضاد الإنترولكين 1 (الآناكينارا anakinra والكاناكينوماب canakinumab) أو مضاد الإنترولكين 6 (التوسيليزوماب tocilizumab). تُستخدم العوامل المضادة لعامل نخر الورم إما وحدها أو مع الميثوتريكسات. ومثلها مثل كافة أدوية المستوى الثاني الأخرى، يجب إعطاؤها تحت إشراف طبي صارم.
مضاد البروتين CTL4Ig (الأباتاسيبت abatacept)
الأباتاسيبت هو عقار له آلية عمل مختلفة موجهة نحو بعض خلايا الدم البيضات المسماة بالخلايا اللمفاوية التائية. وفي الوقت الحالي، يمكن استخدام الأباتاسيبت لعلاج الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل المتعدد ممن لا يستجيبون للميثوتريكسات أو غيرها من العوامل البيولوجية.
مضاد الإنترولكين 1 (الآناكينارا و الكاناكينوماب ) ومضاد الإنترولكين 6 (التوسيليزوماب )
تتسم هذه الأدوية بالتحديد بفائدتها في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي. ويبدأ علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي في المعتاد بالكورتيكوستيرويدات. ورغم فعالية الكورتيكوستيرويدات، إلا أنها تصاحبها آثاراً جانبية - وخاصة على النمو - ولذا في حال عدم تمكنها من السيطرة على نشاط المرض في مدة قصيرة (بضعة أشهر في المعتاد)، يضيف الأطباء مضاد الإنترولكين 1 (الآناكينارا والكاناكينوماب) أو مضاد الإنترولكين 6 (التوسيليزوماب) لعلاج المظاهر المجموعية (الحمى) والتهاب المفاصل. تختفي المظاهر المجموعية في بعض الأحيان بطريقة تلقائية عند المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي ولكن يستمر التهاب المفاصل؛ ويمكن في هذه الحالات إعطاء الميثوتريكسات وحدها أو مع مضاد عامل نخر الورم أو الأباتاسيبت. كما يمكن استخدام التوسيليزوماب في التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي والمتعدد. وقد ثبتت نجاعته مع الصورة المجموعية وبعدها في الصورة المتعددة من التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب، ويمكن استخدامه مع المرضى الذين لا يستجيبون للميثوتريكسات أو غيرها من العوامل البيولوجية.
علاجات تكميلية أخرى
إعادة التأهيل
إعادة التأهيل هي أحد عناصر العلاج الجوهرية. وتشمل التمارين المناسبة وكذلك استخدام جبائر المفاصل - عند التوصية بذلك - من أجل المحافظة على محاذاة المفاصل في وضعية مريحة للوقاية من الألم والتصلب وتقلص العضلات وتشوه المفاصل. ويجب البدء في هذا العلاج في وقت مبكر وينبغي أداؤه بشكل منتظم لتحسين حالة المفاصل والعضلات أو الحفاظ عليها.
جراحة العظام
أكثر ما يدعو إلى إجراء جراحة عظام هو استبدال مفصل اصطناعي (والذي يكون للوركين والركبتين في معظم الأحوال)، وذلك عند تلف المفصل أو الاستخراج الجراحي للأنسجة الرخوة في حالة الانقباض الدائم.
3-3 ماذا عن العلاجات التكميلية/غير التقليدية؟
هناك العديد من العلاجات التكميلية والبديلة المتاحة، وقد تتسبب في حدوث لبس للمرضى وعائلاتهم. لذا يُنصح بالتفكير ملياً في مخاطر وفوائد اللجوء إلى تجربة مثل هذا النوع من العلاجات، حيث إن نسبة الفائدة المُثبتة قليلة إضافة إلى أنها قد تكون مكلفة سواء من حيث الوقت والعبء الذي يقع على الطفل ومن حيث المال. وإذا كنت تريد معرفة المزيد عن العلاجات التكميلية والبديلة، نرجو مناقشة هذه الخيارات مع أخصائي أمراض روماتيزم الأطفال. قد تتفاعل بعض العلاجات مع الأدوية التقليدية. ولن يعارض معظم الأطباء اللجوء إلى العلاجات البديلة، شريطة اتباعك للإرشادات الطبية. ومن المهم جداً ألا تتوقف عن تناول الأدوية الموصوفة لك. وعند الاحتياج لأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات من أجل إبقاء السيطرة على المرض، فقد يكون من بالغ الخطورة أن تتوقف عن تناولها إذا كان المرض لا يزال نشطاً. لذا نرجو مناقشة المخاوف الطبية مع الطبيب المباشر لحالة طفلك.
3-4 متى ينبغي أن تبدأ العلاجات؟
لدينا في الوقت الحالي توصيات دولية ومحلية تساعد الأطباء والعائلات على اختيار العلاج الملائم.
فقد صدرت توصيات دولية مؤخراً عن الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم (ACR على www.rheumatology.org) وهناك أخرى قيد الإعداد بمعرفة الجمعية الأوروبية لروماتيزم الأطفال (PRES على www.pres.org.uk).
وطبقاً لهذه التوصيات، يتم علاج الأطفال الذين تقل عندهم درجة حدة المرض (إصابة عدد قليل من المفاصل) في المعتاد بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية وحُقن الكورتيكوستيرويد.
أما مع حالات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب ذات درجة الحدة الزائدة (إصابة العديد من المفاصل)، فيتم إعطاء الميثوتريكسات (أو الليفلونوميد بدرجة أقل) أولاً، وفي حال عدم كفاية ذلك، يُضاف عامل بيولوجي (مضاد لعامل نخر الورم بشكل أساسي) للعلاج أو يُعطى معه الميثوتريكسات. وبالنسبة للأطفال المقاومين للعلاج أو الذين لا تقبل أجسامهم العلاج بالميثوتريكسات أو بالعوامل البيولوجية، فيمكن استخدام عامل بيولوجي آخر (مضاد آخر لعامل نخر الورم أو الأباتاسيبت).
3-5 ماذا عن تشريعات طب الأطفال والاستخدام داخل حيز دواعي الاستعمال وخارجه وكذلك الاحتمالات العلاجية المستقبلية؟
قبل 15 عاماً من الآن، لم تكن جميع الأدوية المستخدمة في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وغيره من أمراض الأطفال الكثيرة قد خضعت للدراسة بالشكل المناسب مع الأطفال. وهذا يعني أن الأطباء كانوا يصفون الأدوية بناء على تجاربهم الشخصية أو الدراسات التي أُجريت على المرضى البالغين.
وفي الواقع، كان إجراء التجارب السريرية في مجال أمراض روماتيزم الأطفال صعباً في الماضي، وهذا يرجع في المقام الأول إلى نقص التمويل المخصص للدراسات مع الأطفال وقلة اهتمام شركات صناعة الأدوية بسوق أدوية الأطفال الصغير غير المربح. إلا أن هذا الموقف قد تغير بشكل هائل منذ بضع سنوات قليلة. وهو ما كان بسبب طرح قانون أفضل الأدوية للأطفال (Best Pharmaceuticals for Children Act) في الولايات المتحدة وبسبب التشريع الخاص بتطوير أدوية الأطفال (لائحة طب الأطفال "Paediatric Regulation") في الاتحاد الأوروبي. وذلك حيث أجبرت هاتان المبادرتان شركات صناعة الأدوية على إجراء دراسات العقاقير أيضاً على الأطفال.
وقد كان للمبادرتين الأمريكية والأوروبية إلى جانب الشبكتين الكبيرتين - وهما منظمة أمراض روماتيزم الأطفال العالمية (PRINTO على www.printo.it) التي تتوحد تحت مظلتها 50 دولة من جميع أنحاء العالم، وكذلك مجموعة دراسات أمراض روماتيزم الأطفال التعاونية (PRCSG على www.prcsg.org) الكائنة بأمريكا الشمالية - أثر إيجابي في تطوير علاجات روماتيزم الأطفال، وبخاصة في تطوير علاجات جديدة للمصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. وقد شاركت مئات من عائلات الأطفال المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب الذين يتلقون العلاج من مراكز منظمة أمراض روماتيزم الأطفال العالمية أو مجموعة دراسات أمراض روماتيزم الأطفال التعاونية حول العالم في هذه التجارب السريرية، مما مهد الطريق أمام علاج جميع المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب بأدوية خضعت للدراسة خصيصاً للأطفال. وتتطلب المشاركة في هذه الدراسات في بعض الأحيان استخدام دواء وهمي (وهو قرص أو حقنة تخلو من أي مادة فعالة) للتأكد من زيادة نفع دواء الدراسة عن ضرره.
ونتيجة لهذا البحث المهم، لدينا اليوم العديد من الأدوية التي تم اعتمادها بوجه خاص لعلاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب. وهذا يعني أن السلطات التنظيمية مثل إدارة الغذاء والدواء (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA) والعديد من الهيئات الوطنية قد راجعت المعلومات العلمية المستقاة من التجارب السريرية وسمحت لشركات صناعة الأدوية أن تذكر على ملصق الدواء أنه ناجع وآمن للأطفال.
تشمل قائمة الأدوية المعتمدة على وجه الخصوص لعلاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب الميثوتريكسات methotrexate والإتانرسيبت etanercept والأداليموماب adalimumab والأباتاسيبت abatacept والتوسيليزوماب tocilizumab والكاناكينوماب canakinumab.
وهناك العديد من الأدوية الأخرى الجاري دراستها حالياً مع الأطفال، ولذا قد يطلب الطبيب مشاركة الطفل في هذه الدراسات.
هناك أدوية أخرى غير معتمدة بشكل رسمي للاستخدام في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب، مثل العديد من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والآزاثيوبرين azathioprine والسيكلوسبورين cyclosporine والآناكينارا anakinra والإنفليكسيماب infliximab والجوليموماب golimumab والسرتوليزوماب certolizumab. وقد تُستخدم هذه الأدوية حتى من دون توصية معتمدة بها (ويُسمى هذا بالاستخدام خارج نطاق دواعي الاستعمال)، وقد يقترح عليك الطبيب استخدامها بوجه خاص إذا لم يكن هناك أي علاج آخر متاح.
3-6 ما هي الآثار الجانبية الرئيسية للعلاج؟
غالباً ما يتقبل الجسم الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب تقبلاً جيداً. وعدم تقبل المعدة للعلاج هو أكثر الآثار الجانبية حدوثاً لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (لذا يتم تناولها مع بعض الطعام)، ويقل شيوع ذلك في الأطفال عن البالغين. يمكن أن تتسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في زيادة مستويات الدم لبعض إنزيمات الكبد، ولكن نادراً ما يحدث ذلك مع أدوية غير الأسبرين.
الميثوتريكساتmethotrexate أيضاً يتقبلها الجسم بشكل جيد. ولا تشيع الإصابة بالآثار الجانبية في الجهاز الهضمي مثل الغثيان والقيء. ومن المهم من أجل رصد السُمية المحتملة مراقبة إنزيمات الكبد باستخدام عد خلايا الدم المنتظم. والشذوذ المعملي الأكثر حدوثاً هو زيادة إنزيمات الكبد التي تعود لطبيعتها مع التوقف عن تناول الدواء أو مع تقليل جرعة الميثوتريكسات. يُعتبر إعطاء حمض الفوليك أو الفولينيك فعالاً في تقليل وتيرة سُمية الكبد. كما يندر حدوث تفاعلات فرط الحساسية للميثوتريكسات.
يتقبل الجسد السالازوبايرين بشكل جيد؛ وتشمل أهم الآثار الجانبية المتكررة له الطفح الجلدي واضطرابات الجهاز الهضمي وارتفاع مستويات ناقلات الأمينات (سُمية الكبد) وقلّة الكريات البيضاء "leukopoenia" (انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء مما يؤدي إلى خطر الإصابة بالعدوى). وكما هو الحال مع الميثوتريكسات، يلزم إجراء اختبارات معملية بشكل منتظم.
يصاحب الاستخدام الممتد للكورتيكوستيرويدات بجرعات مرتفعة العديد من الآثار الجانبية الهامة؛ منها توقف النمو وهشاشة العظام. تتسبب الكورتيكوستيرويدات حين تناولها بجرعات كبيرة في زيادة ملحوظة في الشهية، مما يؤدي بدوره إلى السمنة. ومن ثم، من المهم تشجيع الأطفال على تناول أطعمة ترضي شهيتهم دون زيادة السعرات الحرارية.
عادة ما يتقبل الجسم العوامل الحيوية تقبلاً جيداً في سنوات العلاج الأولى على الأقل. وينبغي وضع المرضى تحت الملاحظة الوثيقة تحسباً لحدوث حالات عدوى أو غير ذلك من الأحداث السلبية. ومع ذلك، من المهم استيعاب أن التجارب بالنسبة للأدوية المستخدمة حالياً في علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب محدودة من حيث الحجم (بضع مئات من الأطفال فقط هم من شاركوا في التجارب السريرية) والوقت (لم تتوافر العوامل البيولوجية إلا منذ عام 2000). ولهذه الأسباب، هناك الآن العديد من سجلات التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب لمتابعة الأطفال الخاضعين للعلاج البيولوجي على المستوى القطري (كما هو الحال في ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرها) والمستوى الدولي (مثل مشروع Pharmachild؛ وهو مشروع تجريه منظمة أمراض روماتيزم الأطفال العالمية PRINTO والجمعية الأوروبية لروماتيزم الأطفال PRES)، وذلك بغرض وضع المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب تحت الملاحظة الوثيقة ومعرفة ما إذا كانت هناك أحداث مهددة للسلامة قد تقع على المدى الطويل (عدة سنوات بعد إعطاء الدواء).
3-7 إلى متى من المفترض أن يستمر العلاج؟
ينبغي المداومة على العلاج ما دام المرض قائماً. ولا يمكن توقع مدة المرض؛ حيث يتجه التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب في معظم الحالات إلى طور الهجوع التلقائي بعد فترة تتراوح بين بضعة أعوام قليلة وسنوات عدة. غالباً ما يوصف مسار التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب بالهجوع والتفاقم بشكل دوري، مما يؤدي إلى إجراء تغيرات هامة في العلاج. ولا يُنظر في الوقف الكامل للعلاج إلا بعد هدوء التهاب المفاصل لمدة طويلة (6 إلى 12 شهراً أو أكثر). ومع ذلك، ليست هناك معلومات أكيدة بشأن إمكانية تكرر الإصابة بالمرض بعد وقف تناول الدواء. فعادة ما يتابع الأطباء المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب لحين وصولهم إلى مرحلة البلوغ حتى لو هدأ التهاب المفاصل.
3-8 فحص العين (فحص المصباح الشقّي): كم مرة وإلى متى؟
بالنسبة للمرضى المعرضين للخطر (بخاصة إذا كانت نتيجة اختبار الأجسام المضادة لأنوية الخلايا موجبة)، يلزم إجراء فحص المصباح الشقّي كل ثلاثة أشهر على الأقل. وينبغي أن يخضع المصابون بالتهاب القزحية والجسم الهدبي لمزيد من الفحوصات بناء على شدة تأثُر العين، والتي يتم تحديدها خلال زيارات عيادة العيون.
يتقلص خطر الإصابة بالتهاب القزحية والجسم الهدبي مع مرور الوقت، ولكن قد يظهر هذا المرض أيضاً بعد مرور سنوات عدة من بداية التهاب المفاصل. لذلك من باب الاحتياط، يجب أن يخضع المريض لفحوصات على العين لسنوات عديدة حتى لو توقفت أعراض التهاب المفاصل.
التهاب العنبية الحاد الذي يمكن أن يصيب مريض التهاب المفاصل والتهاب الارتكاز هو التهاب عَرَضي (احمرار وألم في العين وعدم راحة عند التعرض للضوء أو رُهاب الضوء). وفي حال اشتكاء المريض من هذه الأعراض، يلزم إحالته على الفوري إلى طبيب عيون. وعلى النقيض من التهاب القزحية من الجسم الهدبي، فليس هناك حاجة لإجراء فحوصات المصباح الشقّي الدورية من أجل التشخيص المبكر.
3-9 ما هو التطور على المدى الطويل (المآل) لالتهاب المفاصل؟
تحسَّن مآل التهاب المفاصل بشكل كبير مع مرور السنين، ولكنه ما زال يعتمد على الحدة والصورة الطبية لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وتلقي العلاج المبكر والمناسب. وهناك بحث دائم يهدف إلى تطوير أدوية وعوامل بيولوجية جديدة فضلاً عن توفير العلاج لكل الأطفال. ولقد تحسَّن مآل التهاب المفاصل بشكل كبير على مدار السنوات العشر الأخيرة. وبشكل عام، سوف يتوقف حوالي 40% من الأطفال عن تناول الدواء بدون أعراض (هجوع) في غضون 8-10 سنوات من بداية المرض؛ وتكون أعلى معدلات الهجوع في التهاب المفاصل قليل العدد بنوعيه المستدام والمجموعي.
لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي مآلات متباينة. حيث تظهر على حوالي نصف المرضى علامات قليلة من التهاب المفاصل ويتميز المرض في المقام الأول بحالات هياج دورية؛ ويكون المآل النهائي في الغالب جيداً حيث ينتقل المرض في كثير من الأحيان إلى الهجوع التلقائي. وفي النصف الآخر من المرضى، يتميز المرض بالإصابة بالتهاب مستدام في المفاصل مع ميل الأعراض المجموعية إلى التلاشي مع مرور السنين؛ إلا أن المرضى في هذه المجموعة الفرعية قد يتعرضون لتلف حاد بالمفاصل. وأخيراً، فإن هناك أقليلة قليلة من هذه المجموعة الثانية من المرضى تستمر لديهم الأعراض المجموعية مع إصابة المفاصل؛ ويكون لدى هؤلاء المرضى الشكل الأسوأ من مآل المرض وقد يصابون بالداء النشواني الذي يستلزم علاجاً مثبطاً للمناعة. ومن المحتمل أن يعمل تطور العلاج الحيوي المستهدف بمضاد الإنترولكين 6 (التوسيليزوماب) ومضاد الإنترولكين 1 (الآناكينارا والكاناكينوماب) على تحسين المآل على المدى الطويل بدرجة كبيرة.
غالباً ما يكون لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي الموجب مسار متفاقم في المفاصل قد يؤدي إلى إحداث تلف شديد بها. وهذه الصورة هي النظير لدى الأطفال لالتهاب المفاصل ذو العامل الروماتويدي الموجب لدى البالغين.
أما التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي السالب فهو معقد سواء من حيث المظاهر السريرية أو المآل. غير أن المآل بوجه عام أفضل بكثير عن مآل التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي الموجب؛ فنسبة من يصابون بتلف في المفاصل هي ربع المرضى فقط.
غالباً ما يكون لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب التلقائي القليل مآل جيد بالنسبة للمفاصل عندما يظل المرض محدوداً على عدد قليل من المفاصل فقط (يُسمى بالنوع القليل المستدام). أما المرضى الذي يمتد لديهم الداء المفصلي ليصيب مفاصل عدة (النوع القليل الممتد)، فلهم نفس مآل المرضى المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المتعدد ذو العامل الروماتويدي السالب.
يتعرض كثير من المرضى المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب الصدفي لحالة مرضية مشابهة للمصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب القليل، بينما يتشابه الآخرون مع البالغين المصابين بالتهاب المفاصل الصدفي.
يكون أيضاً لالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المرتبط باعتلال مرتكز العظم مآل متباين. فمع بعض المرضى، يصل المرض إلى حالة الهجوع، بينما يتطور المرض لدى البعض الآخر ليمتد إلى المفاصل العجزية.
في الوقت الحالي، لا توجد في المرحلة المبكرة من المرض أية سمات سريرية أو معملية متاحة يمكن الاعتماد عليها ولا يستطيع الأطباء التنبؤ بمن سيكون لديه مآل المرض الأسوأ من بين المرضى. ولهذه المؤشرات - إن وجدت - أهمية طبية كبيرة نظراً إلى أنها سوف تفسح المجال للتعرف على المرضى الذين ينبغي أن يوصف لهم علاج أقوى منذ بداية المرض. أما العلامات المعملية الأخرى فلا تزال قيد الدراسة للتنبؤ بالموعد الذي ينبغي فيه وقف العلاج بالميثوتريكسات أو العوامل البيولوجية.
3-10 وماذا عن التهاب القزحية والجسم الهدبي؟
قد يتسبب التهاب القزحية والجسم الهدبي في حال عدم علاجه في تبعات حادة جداً، منها اضطرابات مثل إعتام عدسة العين والعمى. ولكن إذا تم علاجه في مراحله الأولى، فعادة ما تخمد هذه الأعراض بالعلاج الذي يتكون من قطرات للعين من أجل السيطرة على الالتهاب وتوسيع حدقة العين. وفي حالة عدم السيطرة على الالتهاب باستخدام قطرات العين، فقد يوصف العلاج الحيوي. ومع ذلك، لا يوجد دليل واضح حتى الآن يدل على أفضل خيار لعلاج التهاب القزحية والجسم الهدبي الحاد، وذلك بسبب تباين الاستجابة للعلاج بين طفل وآخر. ولهذا فإن التشخيص المبكر هو المحدِد الرئيسي للمآل. ويمكن أن يكون إعتام عدسة العين أيضاً من تبعات العلاج طويل الأمد بالكورتيكوستيرويدات، وبخاصة في المرضى المصابين بالتهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب المجموعي.
4-1 هل يمكن للنظام الغذائي التأثير على مسار المرض؟
لا يوجد دليل على أن النظام الغذائي قد يكون له تأثير على المرض. وبشكل عام، ينبغي للطفل أن يتبع نظاماً غذائياً متوازناً ومتناسباً مع عمره. كما ينبغي للمرضى الذين يتناولون الكورتيكوستيرويدات تجنب الإفراط في الطعام، حيث إن هذه الأدوية تزيد من الشهية ولهذا ينبغي الابتعاد عن الطعام الذي ترتفع فيه السعرات الحرارية والصوديوم أثناء تناول الكورتيكوستيرويدات حتى لو كان الطفل يتناول جرعة صغيرة.
4-2 هل يمكن للمناخ التأثير على مسار المرض؟
لا يوجد دليل على أن المناخ قد يؤثر على مظاهر المرض. ومع ذلك، قد يستمر التيبس الصباحي مع الطفل لفترة أطول في الجو البارد.
4-3 ما الذي يمكن أن تضيفه التمرينات الرياضية والعلاج الطبيعي؟
الغرض من التمرينات الرياضية والعلاج الطبيعي هو تمكين الطفل من ممارسة كافة أنشطة الحياة اليومية بالشكل الأمثل وكذلك الوفاء بكافة الأدوار الاجتماعية المطلوبة. علاوة على ذلك، يمكن الاستفادة من التمرينات الرياضية والعلاج الطبيعي في تشجيع الطفل على عيش حياة صحية نشطة. وحتى يتمكن الطفل من تحقيق هذه الأهداف، فإن صحة المفاصل والعضلات تُعد شرطاً لذلك. يمكن الاستفادة من التمرينات الرياضية والعلاج الطبيعي للوصول إلى درجة أفضل من حركة المفاصل واستقرارها ومن مرونة العضلات وقوتها وكذلك الانسجام والقدرة على الاحتمال. وتتيح هذه الجوانب الخاصة بصحة العضلات والعظام للطفل المشاركة بنجاح وبشكل آمن في الأنشطة المدرسية وكذلك الأنشطة غير المدرسية مثل الأنشطة الترفيهية والرياضية. ويمكن أن يمثل المزج بين العلاج وبرامج التمرينات أهمية في الوصول إلى المستوى المطلوب من القوة واللياقة.
4-4 هل يُسمح بممارسة الرياضة؟
ممارسة الألعاب الرياضية هو جانب مهم في الحياة اليومية لأي طفل يتمتع بصحة جيدة. ومن أهداف علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب هو تمكين الأطفال من عيش حياة طبيعية قدر الإمكان وألا يروا في أنفسهم اختلافاً عن نظرائهم. ولأجل ذلك، فإن التوصية العامة تتمثل في السماح للمرضى بممارسة الأنشطة الرياضية والتأكد من أنهم سوف يتوقفون عند شعورهم بألم في المفاصل، مع تنبيه مدرسي الرياضة إلى الوقاية من وقوع الإصابات الرياضية، وبالأخص للمراهقين. ورغم أن الإجهاد الميكانيكي غير مفيد للمفصل الملتهب، إلا أنه يُفترض أن الضرر القليل الذي قد يحدث أقل بكثير من الضرر النفسي الذي يلحق بالمريض جراء منعه من ممارسة الرياضة مع أصدقائه بسبب المرض. وهذا الخيار هو جزء من اتجاه عام موجه بدرجة أكبر نحو تشجيع الطفل على أن يكون مستقلاً وأن يكون قادراً على التكيف مع القيود التي يفرضها المرض.
وبعيداً عن هذه الاعتبارات، من الأفضل اختيار الرياضات التي لا يوجد فيها إجهاد ميكانيكي أو التي تنطوي على الحد الأدنى من هذا النوع من الإجهاد، مثل السباحة أو ركوب الدراجات.
4-5 هل يمكن للطفل الحضور في المدرسة بشكل منتظم؟
من الأهمية بمكان أن يحضر الطفل في مدرسته بشكل منتظم. وقد يمثل تقيد الحركة مشكلة بالنسبة للانتظام في المدرسة، حيث قد يُسبب صعوبة في المشي أو مقاومة ثانوية للإجهاد أو ألم أو تصلب. ومن ثم فإنه من المهم في بعض الحالات إطلاع فريق المدرسة وزملاء الطفل على القيود التي يعاني منها وذلك من أجل توفير تسهيلات للحركة وأثاث وأدوات مريحة لحالته للكتابة أو الطباعة. ويُستحسن الانتظام في حصص التربية الرياضية والمشاركة في ممارسة الرياضة طبقاً لقيود الحركة الناتجة عن نشاط المرض. ومن المهم أن يتفهم فريق المدرسة حالة التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وأن يكونوا على دراية بمسار المرض وباحتمال حدوث انتكاس غير متوقع. كما قد يلزم التخطيط لأخذ دروس في المنزل، ومن المهم أيضاً أن يوضح للمدرسين اللوازم التي قد يحتاجها الطفل: طاولات مناسبة والقيام بحركات منتظمة أثناء ساعات الدراسة لتجنب تصلب المفاصل والصعوبة المحتملة في الكتابة. وينبغي للمرضى المشاركة في الفصول الرياضية كلما أمكن ذلك، ويجب حينها وضع نفس الاعتبارات الموضحة أعلاه بخصوص ممارسة الرياضة في الحسبان.
المدرسة بالنسبة للأطفال كالعمل بالنسبة للبالغين: فهي مكان يتعلمون فيه كيفية الاستقلال بذاتهم والتحول إلى أشخاص منتجين يتمتعون بالاستقلالية. ويجب على الآباء والمدرسين بذل كل ما بوسعهم لتشجيع الأطفال المرضى على المشاركة في الأنشطة المدرسية بصورة طبيعية، وذلك حتى لا يكون الطفل ناجحاً من الناحية الأكاديمية فقط، بل يتمتع أيضاً بقدرة جيدة على التواصل مع الزملاء والبالغين حتى يحظى بالقبول والتقدير بين أصدقائه.
4-6 هل يُسمح بالتطعيمات؟
إذا كان يُعالَج المريض بدواء مثبط للمناعة (الكورتيكوستيرويدات، الميثوتريكسات، العوامل بيولوجية), فيجب إرجاء التطعيم بالكائنات الحية الدقيقة الموهنة (مثل مضاد الحصبة الألمانية، مضاد الحصبة العادية، مضاد التهاب النكفية، مضاد شلل الأطفال، لقاح بي سي جي) أو تجنبه بسبب الخطر المحتمل من انتشار العدوى نتيجة ضعف الجهاز المناعي؛ والوقت المثالي لإعطائهم هذه التطعيمات يكون قبل بداية العلاج بالكورتيكوستيرويدات أو الميثوتريكسات أو العوامل البيولوجية. أما التطعيمات التي لا تحتوي على كائنات حية دقيقة بل تقتصر على البروتينات المعدية (مضاد الكزاز، مضاد الدفتيريا، مضاد شلل الأطفال "سالك"، مضاد الالتهاب الكبدي ب، مضاد السعال الديكي، المكورة الرئوية، المستدمية، المكورة السحائية) فيمكن إعطائها للمريض، والخطر الوحيد هو فشل التطعيم بسبب حالة تثبيط المناعة، حيث يقدم التطعيم في هذه الحالة حماية منقوصة. ومع ذلك، يُستحسن اتباع جدول التطعيمات بالنسبة للأطفال الصغار، حتى ولو كانت الحماية منقوصة.
4-7 هل سيحظى الطفل بحياة طبيعية عند البلوغ؟
يعد ذلك من أهم أهداف العلاج، ويمكن تحقيقه في معظم الحالات. ولقد تحسَّن علاج التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب بشكل هائل، وسيحظى بمزيد من التحسن في المستقبل مع الأدوية الجديدة. ويمكن أن يقي الجمع بين استخدام العلاج الدوائي وإعادة التأهيل الآن من تلف المفاصل لدى معظم المرضى.
كما ينبغي الانتباه عن كثب للأثر النفسي لهذا المرض على الطفل وعائلته. وذلك حيث إن الأمراض المزمنة مثل التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب تمثل تحدياً صعباً للعائلة ككل، وبالطبع كلما زادت خطورة المرض زادت صعوبة التكيف معه. وسوف يكون من الصعب على الطفل أن يتكيف مع المرض بالشكل المناسب إذا لم يقم والداه بذلك، ولذا يكون للوالدين ارتباط شديد بطفلهما، وهما، إذ يحاولان حماية الطفل من أي مشكلة محتملة، قد يصبحان مفرطان في ذلك.
سوف يكون للتفكير الإيجابي من جانب الوالدين - اللذين يدعمان الطفل ويشجعانه على أن يكون مستقلاً بأقصى قدر ممكن رغم مرضه - بالغ الأثر في مساعدة الطفل على التغلب على المصاعب المرتبطة بهذا المرض، حتى ينجح في مسايرة زملائه وتنمية شخصيته المستقلة المتوازنة.
ينبغي على فريق روماتيزم الأطفال تقديم الدعم النفسي الاجتماعي عند الحاجة لذلك.
كما قد تساعد الجمعيات الأسرية أو المؤسسات الخيرية العائلات في التكيف مع المرض.