1-1 ما هو؟
يُشكّل التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي مجموعة من أمراض الالتهابات المزمنة التي تُصيب المفاصل (التهاب المفاصل) وكذلك الأوتار والأربطة التي تصل بين بعض العظام (التهاب الارتكاز) كما يُصيب في الغالب الأطراف السفلية وفي بعض الحالات مفاصل الحوض والعمود الفقري (التهاب المفصل العجزي الحرقفي - ألم الأَلْيَة والتهاب الفقار - آلام الظهر)، و يعتبر التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي شائع بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين يَظهر تحليل الدم للعامل الوراثي "HLA-B27" لديهم بنتيجة إيجابية، وهو عبارة عن بروتين يقع على سطح الخلايا المناعية. ومن المثير للاهتمام أنه لا يُصاب أبداً بالتهاب المفاصل إلا عدد ضئيل من الأشخاص الذين لديهم العامل الوراثي "HLA-B27"، وبالتالي لا يعتبر وجود العامل الوراثي "HLA-B27" كافياً لتوضيح الإصابة بهذا المرض؛ فحتى الآن لا يزال الدور الذي يقوم به العامل الوراثي "HLA-B27" بالضبط في نشأة المرض غير معروف، ولكن من المعروف أن الإصابة بالتهاب المفاصل في بعض الحالات القليلة جداً يسبقه الإصابة بعدوى في الجهاز الهضمي أو البولي التناسلي (معروفة باسم التهاب المفاصل التفاعلي). يرتبط التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي ارتباطاً وثيقاً بالتهاب المفاصل الفقارية الذي يُصيب الشباب في بداية مرحلة البلوغ ويعتقد الباحثون أن هذه الأمراض تشترك في نفس النشأة والخصائص. ومن الممكن تشخيص الإصابة لدى أغلب الأطفال والمراهقين بالتهاب المفاصل الفقارية اليفعي على أنهم مصابين بالتهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز وحتى التهاب المفاصل الصدفي. وجدير بالذكر أنه من المهم معرفة أن أسماء "التهاب المفاصل الفقارية اليفعي" و"التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز" وفي بعض الحالات "التهاب المفاصل الصدفي" قد تكون متماثلة من وجهة النظر السريرية و العلاجية.
2-1 ما هي الأمراض التي يُطلق عليها التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي؟
كما ذكرنا أعلاه، فإن التهاب المفاصل الفقارية اليفعي هو اسم لمجموعة من الأمراض التي قد تتداخل مظاهرها السريرية مع بعضها بعضاً، بما في ذلك التهاب المفاصل الفقارية المحوري والمحيطي، والْتِهاب الفَقارِ اللاصق والتهاب المفاصل الفقارية غير المُتمايز والتهاب المفاصل مع داء كُرون والتهاب القولون التقرحي، بينما يعتبر التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز والتهاب المفاصل الصدفي حالتين مختلفتين في تصنيف التهاب مفاصل الأطفال مجهول السبب وهما مرتبطان بالتهاب المفاصل الفقارية اليفعي.
3-1 ما مدى شيوعه؟
التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي هو أحد أكثر أشكال التهابات المفاصل المزمنة شيوعاً لدى الأطفال وتشيع إصابة الأولاد به أكثر من البنات. وقد يُشكل المرض ما يقرب من 30% من الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل المزمن على حسب الموقع في العالم، ويظهر أول عرض من الأعراض في أغلب الحالات في سن السادسة تقريباً، ونظراً إلى أن النسبة العظمى (ما يقرب من 85%) من مرضى التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي يحملون العامل الوراثي "HLA-B27"، فإن شيوع إصابة البالغين بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي في عامة الناس وحتى في عائلات محددة يعتمد على شيوع هذه السمة في الأشخاص الطبيعيين.
4-1 ما هي أسباب هذا المرض؟
إن سبب الإصابة بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي غير معروف، ومع ذلك هناك استعداد وراثي للإصابة بالمرض يعتمد في أغلب المرضى على وجود العامل الوراثي "HLA-B27" وبعض الجينات الأخرى. ويُعتَقَد حالياً أن جزيء "HLA-B27" المصاحب للمرض (وهو الأمر الذي لا يكون في 99% من الأشخاص الذي يحملون العامل الوراثي "HLA-B27") غير مُتكوّن بشكل صحيح، وعندما يتفاعل مع الخلايا ومنتجاتها (التي تكون في الغالب مواد محفزة على إحداث التهابات) فإنه يتسبب في الإصابة بالمرض. وبالرغم من ذلك، من المهم للغاية التأكيد على أن العامل الوراثي "HLA-B27" ليس سبب المرض، ولكنه عامل الحساسية للمرض.
5-1 هل المرض وراثي؟
يُهيئ العامل الوراثي "HLA-B27" وغيره من العوامل الوراثية الأفراد للإصابة بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي. وبالإضافة إلى ذلك، نعرف أن ما يقرب من 20% من المرضى المشخصين بهذا التشخيص هم أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية للمصابين بالمرض، وبالتالي قد يكون لالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي بعض الجذور العائلية، ومع ذلك لا يمكننا القول بأن التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي مرضاً وراثياً؛ فالمرض لا يُصيب إلا 1% من الأشخاص الذين يحملون العامل الوراثي "HLA-B27"، أو بعبارة أخرى، 99% من الأشخاص الذين لديهم العامل الوراثي "HLA-B27" لن يُصابوا بذلك المرض، فضلاً عن أن الاستعداد الوراثي يختلف فيما بين المجموعات العرقية.
6-1 هل يمكن الوقاية منه؟
يستحيل الوقاية من هذا المرض لأن سبب الإصابة به لا يزال غير معروف، ومن غير المفيد اختبار وجود العامل الوراثي "HLA-B27" لدى الأخوة أو الأقارب الآخرين إذا لم تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض.
7-1 هل هو معدٍ؟
التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي ليس مرضاً معدياً حتى في الحالات الناجمة عن العدوى، وعلاوة على ذلك، لا يُصاب جميع الأشخاص الذي يُصابون في نفس الوقت بنفس البكتريا بهذا المرض.
8-1 ما هي الأعراض الرئيسية؟
يتميز التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي بخصائص سريرية شائعة.
التهاب المفاصل
تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً آلام المفاصل وتورمها فضلاً عن تقيُّد حركتها.
يُعاني كثير من الأطفال من التهاب المفاصل القليل في الأطراف السفلية، ويُشير التهاب المفاصل القليل إلى أن المرض يصيب 4 مفاصل أو أقل. وقد يُصاب المرضى الذين يتعرضون لمرض مزمن بالتهاب المفاصل المتعدد، ويُشير التهاب المفاصل المتعدد إلى أن إصابة المفاصل طالت 5 مفاصل أو أكثر. والمفاصل التي يشيع إصابتها في الغالب هي الركبة والكاحل وأوسط القدم والفخذين، ويُصيب التهاب المفاصل بشكل أقل شيوعاً المفاصل الصغيرة في القدم.
قد يُصيب التهاب المفاصل في بعض الأطفال مفاصل بالأطراف العلوية وخاصة الكتفين.
التهاب الارتكاز
التهاب الارتكاز - التهاب عضلة الارتكاز (الموضع الذي تتصل عنده الأوتار والأربطة بالعضلة) - هو ثاني أكثر المظاهر شيوعاً لدى الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA)، وعادة ما تقع عضلات الارتكاز المصابة عند الكعب وفي أوسط القدم وحول الرضفة. وتشمل أكثر الأعراض شيوعاً آلام في الكعب وفي أوسط القدم وتورمه وآلام في الرضفة، وقد يؤدي الالتهاب المزمن لعضلة الارتكاز إلى ظهور نتوءات عظمية (نمو مفرط للعظام) مما يتسبب في آلام الكعب في حالات كثيرة.
التهاب المفصل العجزي الحرقفي
يُشير التهاب المفصل العجزي الحرقفي إلى التهاب المفاصل العجزية الحرقفية الواقعة في الجزء الخلفي من الحوض، وتندر الإصابة به في مرحلة الطفولة بينما تشيع الإصابة به في معظم الأحيان عقب فترة من خمس إلى عشر سنوات من بداية الإصابة بالتهاب المفاصل.
يتمثل أكثر الأعراض شيوعاً في آلام الألية المتناوبة.
آلام الظهر؛ التهاب الفقار
قد تشمل الإصابة العمود الفقري في وقت لاحق من مسار المرض لدى بعض الأطفال، وهو ما يندر بشدة في بداية الإصابة بالمرض، وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً آلام الظهر خلال فترة الليل والتيبّس في الصباح والشعور بإعاقة في الحركة، وكثيراً ما يصحب آلام الظهر آلام في الرقبة وفي حالات نادرة آلام في الصدر أيضاً. وقد يتسبب المرض لعدد قليل من المصابين بعد سنوات عديدة من بداية الإصابة في فرط نمو العظام وظهور جسور عظمية تصل بين أجسام الفقرات، ولذلك تكاد تنعدم ملاحظة ذلك لدى الأطفال.
إصابة العينين
الْتِهابُ العِنَبِيَّة الأمامي الحاد هو التهاب يصيب قزحية العين، وعلى الرغم من أنه من المضاعفات غير الشائعة، إلا أنه يُصيب ما يقرب من ثلث المرضى مرة واحدة أو عدة مرات خلال فترة إصابتهم بالمرض. ويصحب الْتِهاب العِنَبِيَّة الأمامي الحاد ألم في العين واحمرارها وعدم وضوح في الرؤية لعدة أسابيع، وهو عادة ما يُصيب عيناً واحدة في كل مرة ولكن قد يكون نمط الإصابة به متكرراً. ويلزم عند الإصابة به زيارة طبيب عيون للسيطرة عليه بشكل فوري، ويختلف هذا النوع من الْتِهاب العِنَبِيَّة عن النوع الذي تتعرض له البنات المصابات بالتهاب المفاصل القليل والأجسام المضادة لأنوية الخلايا.
إصابة الجلد
قد يكون بالفعل لدى مجموعة صغيرة من الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي مرض الصدفية أو قد يُصابون به، وبالتالي يعتبر تصنيف إصابة هؤلاء الأطفال بالتهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز مستبعداً ويتحول إلى التهاب المفاصل الصدفي. الصدفية هو مرض جلدي مزمن تتكون عند الإصابة به رُقع تقشر الجلد تقع في الأساس على المرفقين والركبتين، وقد تسبق الإصابة بهذا المرض الجلدي الإصابة بالتهاب المفاصل بأعوام، ويمكن أن يكون التهاب المفاصل متواجداً لدى مرضى آخرين قبل أعوام عديدة من ظهور أول بقعة صدفية على أجسادهم.
إصابة الأمعاء
قد يُصاب بعض الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التهابية معوية مثل داء كُرون والتهاب القولون التقرحي بالتهاب المفاصل الفقارية، فالتهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز لا يتضمن الإصابة بمرض التهاب الأمعاء كأحد مكوناته. وفي بعض الأطفال تكون الالتهابات المعوية دون سريرية (بدون أعراض معوية) وتكون شدة الأعراض المفصلية أكبر مما يتطلب معالجة خاصة.
9-1 هل يتشابه هذا المرض بين طفل وآخر؟
إن المجال واسع؛ فبينما يُعاني بعض الأطفال من مرض طفيف وقصير الأجل، يُعاني آخرون من مرض حاد طويل الأجل يتسبب في إحداث إعاقة. وبالتالي من الممكن أن يكون لدى الأطفال مفصل واحد مصاب (مثل الركبة) لمدة أسابيع عديدة ولا تظهر عليهم أبداً نفس الصورة أو مظاهر أخرى إضافية طوال بقية حياتهم، بينما يظهر على الآخرين أعراض تمتد إلى مفاصل عديدة وعضلات الارتكاز ومفاصل العمود الفقري والمفاصل العجزية الحرقفية.
10-1 هل تختلف الإصابة في هذا المرض عند الأطفال والبالغين؟
تختلف الأعراض الأولية لالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي عن تلك التي تظهر لدى البالغين المصابين بالتهاب المفاصل الفقارية ولكن تُشير معظم البيانات إلى أنها تنتمي إلى نفس مجموعة الأمراض؛ فمرض المفاصل المحيطية (الأطراف) أكثر شيوعاً عند بداية الإصابة لدى الأطفال، ولكن ذلك على النقيض من إصابة المفاصل المحورية (مفاصل العمود الفقري والمفاصل العجزية الحرقفية) لدى البالغين، فضلاً عن أن شدة المرض تكون أكبر في الأطفال مقارنة بالبالغين.
1-2 كيف يتم تشخيصه؟
يُشخص الأطباء المرض على أنه التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي عندما تكون بداية الإصابة بالمرض قبل سن السادسة عشر، ويدوم التهاب المفاصل لمدة تزيد عن 6 أسابيع وتُلائم الخصائص النمط السريري الموضح أعلاه (انظر التعريف والأعراض). ويعتمِد تشخيص المرض بأنه أحد أنواع التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) (أي التهاب الفقار اللاصق، أو التهاب المفاصل التفاعلي...إلخ) على مظاهر سريرية محددة تتضح من خلال التصوير بالأشعة. ومن الواضح أن هؤلاء المرضى يجب أن يُعالجهم ويُتابعهم طبيب أطفال متخصص في الأمراض الروماتيزمية أو طبيب بالغين متخصص في الأمراض الروماتيزمية لديه خبرة في الأمراض الروماتيزمية التي تُصيب الأطفال.
2-2 ما هي أهمية الاختبارات؟
تعد النتيجة الإيجابية لفحص العامل الوراثي "HLA-B27" مفيدة في تشخيص التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي خاصة لدى الأطفال المصابين بأمراض وحيدة العرض. ومن المهم للغاية معرفة أن أقل من 1% من الأشخاص الذين لديهم هذه العلامة يُصابون بالتهاب المفاصل الفقارية، وأن مدى انتشار العامل الوراثي "HLA-B27" لدى عامة الناس قد يبلغ 12% حسب موقع المنطقة في العالم، كما أنه تجدر ملاحظة أن أغلب الأطفال والمراهقين يمارسون بعض أنواع الرياضة وأن هذه الأنشطة قد ينتج عنها إصابات مشابهة نوعاً ما للأعراض الأولية لالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي، وبالتالي لا يعتمد ذلك على وجود العامل الوراثي "HLA-B27" فحسب بل على اقترانه بالعلامات والأعراض المميِّزة لالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) المهمة.
توفر التحاليل مثل سرعة الترسيب في الدم (ESR) والبروتين المتفاعل-C (CRP) معلومات حول الالتهابات العامة وبالتالي توفر معلومات بشكل غير مباشر حول نشاط الأمراض الالتهابية، كما أنها تُفيد في إدارة المرض، ومع ذلك يجب أن يعتمد ذلك بشكل أكبر بكثير على المظاهر السريرية بدلاً من الفحوصات المعملية. وبالإضافة إلى ذلك تُستخدم التحاليل المعملية في مراقبة الأحداث السلبية المحتملة المرتبطة بالعلاج (عدد خلايا الدم ووظائف الكبد والكلى).
يمكن أن تكون الفحوصات باستخدام الأشعة السينية مفيدة لمتابعة تطور المرض وتقييم أي تلف في المفاصل يحدث بسبب المرض، ومع ذلك تعتبر قيمة فحوصات الأشعة السينية محدودة مع الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA). ونظراً إلى أن نتائج الأشعة السينية قد تكون طبيعية مع معظم الأطفال، يلزم إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية و/أو التصوير بالرنين المغناطيسي للمفاصل والعضلات الارتكازية وذلك للكشف المبكر عن علامات الالتهاب الخاصة بهذا المرض؛ حيث يمكن باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الكشف عن التهابات المفاصل العجزية الحرقفية و/أو العمود الفقري بدون استخدام التشعع، بينما يمكن لتصوير المفاصل بالموجات فوق الصوتية - بما في ذلك طاقة إشارة دوبلر "power Doppler signal" - تقديم نظرة أفضل على الإصابة بالتهاب المفاصل والتهاب الارتكاز (الأطراف) المحيطي وشدته.
3-2 هل يمكن علاجه/الشفاء منه؟
للأسف لا يوجد حتى الآن علاج ناجع لالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) لأننا لا نعرف سببه، ولكن يمكن أن يكون العلاج الحالي مفيداً للغاية في السيطرة على نشاط المرض مع احتمالية منع حدوث تلف هيكلي.
4-2 ما هي العلاجات؟
يستند العلاج في المقام الأول إلى استخدام الأدوية وإجراءات العلاج الطبيعي/إعادة التأهيل التي تحافظ على وظائف المفاصل وتسهم في منع التشوهات. وتجدر الإشارة إلى أن استخدام الأدوية يتوقف على موافقة الهيئات التنظيمية المحلية.
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAID)
هذه الأدوية هي أدوية عرضية مضادة للالتهاب ومضادة للحمى، وتعني كلمة عرَضية أنها تُستخدم للسيطرة على الأعراض الناتجة عن الالتهابات، وأكثر ما يُستخدم منها هو دواء نابروكسين naproxen وديكلوفيناك diclofenac وإيبوبروفين ibuprofen. وهذه الأدوية من المواد التي عادة ما يتقبلها الجسم إلى حد كبير والأثر السلبي الأكثر شيوعاً الذي تتسبب فيه هو الاضطرابات المعوية وذلك نادراً ما يحدث لدى الأطفال، كما لا يُوصى بتناول مجموعة من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ومع ذلك قد يلزم تغيير أحد تلك الأدوية إلى آخر في حالة عدم كفاءته أو تسببه في ظهور آثار سلبية.
الكورتيكوستيرويدات
تقوم هذه الأدوية بدور علاجي قصير الأجل مع المرضى الذين يعانون من أعراض أكثر شدة؛ حيث تُستخدم الكورتيكوستيرويدات corticosteroids الموضعية (قطرات للعين) في علاج الْتِهاب العِنَبِيَّة الأمامي الحاد. وفي الحالات التي تزيد درجة حدتها، قد يلزم إعطاء حُقن بمحيط مقلة العين أو الكورتيكوستيرويد المجموعي. من المهم عند وصف الكورتيكوستيرويدات للمرضى المصابين بالتهاب المفاصل والتهاب الارتكاز مراعاة أنه لا توجد دراسات كافية حول فعاليتها وسلامتها على الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA)، بينما يدعم رأي الخبراء في بعض الحالات استخدام تلك العقاقير.
علاجات أخرى (أدوية مخففة للمرض)
سلفاسالازين
هذا الدواء يُعطى للأطفال الذين تظهر عليهم مظاهر الأمراض المحيطية التي تستمر بالرغم من تناول العلاج الملائم من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية و/أو حُقن كورتيكوستيرويد داخل الآفة، كما يُضاف سلفاسالازين sulfasalazine إلى العلاج غير الستيرويدي السابق (الذي يجب تكملته) وقد لا يظهر تأثيره إلا بعد عدة أسابيع أو شهور من العلاج. ومع ذلك، فالأدلة محدودة على فعالية سلفاسالازين مع هؤلاء الأطفال، وفي نفس الوقت، ليس هناك دليل واضح على أن الميثوتريكسات أو الليفلونوميد أو الأدوية المضادة للملاريا قد تؤثر في التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي.
العوامل البيولوجية
يُنصح باستخدام العوامل المضادة لعامل نخر الورم (TNF) في المراحل الأولى من المرض بسبب فعاليتها الكبيرة في معالجة الأعراض الالتهابية، وهناك دراسات حول فعالية هذه الأدوية وسلامتها تدعم استخدامها مع مرضى التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي الذين تعتبر حالتهم خطيرة، ولقد قُدِّمَت هذه الدراسات للسلطات الصحية وفي انتظار اعتمادها لبدء استخدامها مع حالات الإصابة بالتهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA). ولقد تم بالفعل اعتماد استخدام العوامل المضادة لعامل نخر الورم مع الأطفال في بعض الدول الأوروبية.
حقن المفاصل
تُستخدَم حُقن المفاصل عندما يُصاب مفصل واحد أو عدد قليل جداً من المفاصل وفي حالة ما إذا كان استمرار تَقَفُّع المفاصل قد يؤدي إلى حدوث تشوه. وبوجه عام يتم حقن مستحضرات كورتيكوستيرويد طويلة المفعول، كما يُوصى باحتجاز الأطفال في المشفى ووضعهم تحت التخدير لتنفيذ هذا الإجراء في ظل أفضل الظروف.
جراحة العظام
أكثر ما يدعو إلى إجراء جراحة هو استبدال مفصل اصطناعي وذلك عند التلف الشديد للمفصل خاصة في الفخذ، ولكن بفضل تحسن العلاج بالأدوية، تنخفض الحاجة للجوء إلى إجراء جراحة عظام.
العلاج الطبيعي
العلاج الطبيعي هو أحد عناصر العلاج الجوهرية. ويجب البدء في هذا العلاج في وقت مبكر وينبغي أداؤه بشكل منتظم للحفاظ على مجال الحركة ونمو العضلات وقوتها ولمنع التشوهات المفصلية أو الحد منها أو تصحيحها، وعلاوة على ذلك، إذا كانت الإصابة المحورية بارزة يجب تحريك العمود الفقري فضلاً عن إجراء تمارين تنفسية.
5-2 ما هي الآثار الجانبية للعلاج بالأدوية؟
عادة ما يتقبل الجسم بشكل جيد الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي.
عدم تقبل المعدة هو أكثر الآثار الجانبية حدوثاً
لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (لذا يتم تناولها مع بعض الطعام)، وهو ما يقل شيوعه في الأطفال عنه لدى البالغين. قد تتسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في زيادة مستويات الدم لبعض إنزيمات الكبد، ولكن نادراً ما يحدث ذلك مع الأدوية غير الأسبرين.
يتقبل الجسم بشكل معقول عقار
سلفاسالازين ؛ وآثاره الجانبية الأكثر شيوعاً هي مشاكل المعدة وارتفاع مستويات إنزيمات الكبد وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء وردود فعل الجلد، ويلزم إجراء فحوصات معملية متكررة لمراقبة سُميتها الممكنة.
يرتبط الاستخدام طويل الأمد للكورتيكوستيرويدات بجرعات كبيرة بأعراض جانبية سلبية تتراوح ما بين معتدلة وشديدة ومنها توقف النمو وهشاشة العظام. ويتسبب تناول الكورتيكوستيرويدات بجرعات كبيرة في زيادة الشهية بشكل ملحوظ وذلك يؤدي في المقابل إلى السمنة. ومن ثم فمن المهم توجيه الأطفال نحو تناول أطعمة ترضي شهيتهم دون زيادة السعرات الحرارية.
قد يصحب العلاج
بالعوامل البيولوجية (العوامل المُحصرة لعامل النخر) ارتفاع معدل الإصابة بالعدوى، كما أنه من اللازم إجراء فحص وقائي للكشف عن الإصابة بالسل (الكامن)، ولا يوجد حتى اليوم دليل على ارتفاع معدل الإصابة بالأورام الخبيثة (باستثناء بعض أشكال سرطان الجلد لدى البالغين).
6-2 إلى متى يجب أن تدوم معالجة المرض؟
يجب أن يستمر العلاج العرضي طالما أن الأعراض ونشاط المرض مستمران، ولا يمكن التنبؤ بمدة الإصابة بالمرض؛ فمع بعض المرضى يستجيب التهاب المفاصل استجابة جيدة للغاية لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ويمكن مع هؤلاء المرضى إيقاف العلاج في وقت مبكر، في غضون شهور، بينما مع مرضى آخرين يعانون من مرض أكثر شراسة يستمر لفترات طويلة قد يستلزم الأمر تناول سلفاسالازين وغيره من الأدوية لعدة سنوات. وقد يُنظر في إجراء وقف تام عن تناول الأدوية عقب اكتمال هجوع المرض لفترات طويلة بسبب الأدوية.
7-2 ماذا عن العلاجات التكميلية/غير التقليدية؟
هناك العديد من العلاجات التكميلية والبديلة المتاحة، وقد تتسبب في حدوث لبس للمرضى وعائلاتهم. لذا يُنصح بالتفكير ملياً في مخاطر وفوائد اللجوء إلى تجربة مثل هذا النوع من العلاجات، حيث إن نسبة الفائدة المُثبتة قليلة إضافة إلى أنها قد تكون مكلفة سواء من حيث الوقت والعبء الذي يقع على الطفل ومن حيث المال. وإذا كنت تريد معرفة المزيد عن العلاجات التكميلية والبديلة، نرجو مناقشة هذه الخيارات مع أخصائي أمراض روماتيزم الأطفال. قد تتفاعل بعض العلاجات مع الأدوية التقليدية. ولن يعارض معظم الأطباء اللجوء إلى هذه العلاجات، شريطة اتباعك للإرشادات الطبية. ومن المهم جداً ألا تتوقف عن تناول الأدوية الموصوفة لك. وعند الاحتياج لأدوية من أجل مواصلة السيطرة على المرض، فقد يمثل توقفك عن تناولها خطورة بالغة إذا كان المرض لا يزال نشطاً. نرجو مناقشة المخاوف الطبية مع الطبيب المباشر لحالة طفلك.
8-2 إلى متى تدوم الإصابة بالمرض؟ ما هو التطور على المدى الطويل (المآل) لهذا المرض؟
قد يختلف مسار المرض من مريض إلى آخر؛ فمع بعض المرضى يزول التهاب المفاصل سريعاً بالعلاج، بينما يتميز لدى آخرين بالهجوع الدوري وتكرار الإصابة، وأخيراً قد يتخذ التهاب المفاصل مساراً متواصلاً لدى بعض المرضى الآخرين. وتقتصر الأعراض في بداية المرض لدى الغالبية العظمى من المرضى على المفاصل الطرفية وعضلات الارتكاز، ومع تطور المرض قد تطال الإصابة لدى بعض الأطفال والبالغين مفاصل العمود الفقري والمفاصل العجزية الحرقفية. كما ترتفع مخاطر الإصابة بتلف في المفاصل خلال مرحلة البلوغ لدى المرضى الذين لديهم التهاب مفاصل محيطي دائم وأعراض محورية، ومع ذلك، من المستحيل عند بداية الإصابة بالمرض التنبؤ بالنتائج طويلة المدى، ويمكن في المقابل بتناول القدر الكافي من العلاج التأثير على مسار المرض ومآله.
1-3 كيف يمكن أن يؤثر هذا المرض على الحياة اليومية للطفل المصاب وعائلته؟
سيتعرض كل طفل تقريباً خلال فترات نشاط الإصابة بالتهاب المفاصل لقيود في حياته اليومية؛ فنظراً إلى أن الأطراف السفلية غالباً ما تُصاب، فإن المشي وممارسة الرياضة هما أكثر نشاطين يشيع تأثرهما بسبب هذا المرض. وللسلوك الإيجابي من جانب الوالدين اللذان يدعمان الطفل ويشجعانه على أن يكون مستقلاً ونشطاً جسدياً بالغ الأثر في التغلب على المصاعب المرتبطة بهذا المرض والنجاح في مسايرة أقرانه وتطوير نفسه بحيث تكون شخصيته مستقلة ومتّزنة. وفي حالة عدم قدرة العائلة على تحمل العبء أو تجد صعوبة في التكيُّف مع المرض، يلزم الاستعانة بالدعم النفسي، كما يلزم على الأبوين دعم طفلهما للقيام بتمارين العلاج الطبيعي وتشجيعه على تناول الأدوية الموصوفة له.
2-3 ماذا عن المدرسة؟
بعض العوامل قد تتسبب في مشاكل بالنسبة للحضور بالمدارس، وتتمثل تلك المشاكل في: صعوبة المشي أو مقاومة بسيطة للتعب أو الشعور بآلام أو تصلب، ولذلك من المهم أن يُشرَح للمدرسين اللوازم التي قد يحتاجها الطفل مثل: طاولات مناسبة والتحرك بصفة منتظمة أثناء ساعات الدراسة لتجنب تصلب المفاصل. ويجب مشاركة المرضى في الفصول الرياضية كلما أمكن ذلك، ويجب حينها وضع نفس الاعتبارات الموضحة أدناه بخصوص ممارسة الرياضة في الحسبان. وفور الوصول إلى درجة إحكام السيطرة على المرض، من المفترض عدم تعرض الطفل لأي مشاكل عند مشاركته في جميع الأنشطة التي يشارك فيها قرناؤه الأصحاء.
المدرسة بالنسبة للأطفال كالعمل بالنسبة للبالغين: فهي مكان يتعلمون فيه كيفية الاستقلال بذاتهم والتحول إلى أشخاص منتجين. وعلى الآباء والمدرسين بذل كل ما في وسعهم لتمكين الطفل من المشاركة في الأنشطة المدرسية بشكل طبيعي، وذلك حتى لا يكون الطفل ناجحاً فقط من الناحية الأكاديمية، بل يحظى أيضاً بالقبول والتقدير من قرنائه ومن البالغين على حد سواء.
3-3 ماذا عن ممارسة الرياضة؟
ممارسة الألعاب الرياضية هي جانب مهم في الحياة اليومية لأي طفل طبيعي. ولكن يُوصى باختيار الرياضات التي لا يوجد فيها إجهاد ميكانيكي أو يكون فيها أقل ما يمكن مثل: السباحة أو ركوب الدراجات.
4-3 ماذا عن النظام الغذائي؟
لا يوجد دليل على أن النظام الغذائي يمكن أن يؤثر على المرض. وبشكل عام، ينبغي أن يسير الطفل على نظام غذائي متوازن ومتناسب مع عمره. وينبغي للمرضى الذين يتناولون الكورتيكوستيرويدات الابتعاد عن الإفراط في الأكل، حيث إن هذه الأدوية قد تعمل على زيادة الشهية.
5-3 هل يمكن للمناخ التأثير على مسار المرض؟
لا يوجد دليل على أن المناخ يمكن أن يؤثر على مظاهر المرض.
6-3 هل يمكن للطفل المصاب بهذا المرض تلقي التطعيمات؟
نظراً إلى أن أغلب المرضى يُعالَجون إما بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو سلفاسالازين، يمكن اتباع نظام التطعيم العادي. ويجب على المريض الذي يُعالَج بجرعات كبيرة من الكورتيكوستيرويدات أو العوامل البيولوجية أن يتجنب التطعيم بفيروسات حية موهنة (مثل: مضاد الحصبة الألمانية، مضاد الحصبة العادية، مضاد التهاب الغدة النكفية، سابين مضاد شلل الأطفال)، وإلا، يلزم تأجيلها بسبب الخطر المحتمل من انتشار العدوى نتيجة ضعف الجهاز المناعي. أما التطعيمات التي لا تحتوي على فيروسات حية وتقتصر على البروتينات المعدية فقط (مضاد الكزاز، مضاد الدفتيريا، سالك مضاد شلل الأطفال، مضاد التهاب الكبدي B، مضاد السعال الديكي، المكورة الرئوية، المستدمية، المكورة السحائية) فيمكن إعطائها للمريض، ومن الناحية النظرية قد يقلل تثبيط المناعة تأثير التطعيم أو يلغيه تماماً.
7-3 ماذا عن الحياة الجنسية والحمل ووسائل منع الحمل؟
لا توجد قيود معينة مرتبطة بالنشاط الجنسي أو الحمل لهذا المرض، غير أن المرضى الذي يتعاطون العقاقير عليهم دائماً توخِّ الحرص بشأن التأثيرات السامة المحتملة لهذه العقاقير على الأجنة، وعلى الرغم من الجوانب الوراثية لهذا المرض ليس هناك من سبب لتجنب إنجاب الأطفال؛ فالمرض ليس فتاكاً وحتى إذا كانت وراثة العامل الوراثي المهيئ ممكنة، هناك فرصة جيدة ألا يُصاب الإخوة بأي نوع من أنواع التهاب المفاصل الفقارية/التهاب المفاصل مع التهاب الارتكاز (SPA-ERA) اليفعي.
8-3 هل سيحظى الطفل بحياة طبيعية عند البلوغ؟
يعد ذلك من أهم أهداف العلاج، ويمكن تحقيقه في معظم الحالات. فعلاج هذه الأنواع من الأمراض في مرحلة الطفولة تحسّن تحسناً كبيراً على مدار السنوات الأخيرة، ويمكن حالياً من خلال الجمع بين استخدام العلاج الدوائي وإعادة التأهيل الوقاية من تلف المفاصل لدى الغالبية العظمى من المرضى.